Happy Chinese New Year
Glitter Chinese New Year - http://www.chinesenewyeartext.com

تجليات وأنوار

4:30 م Edit This
Website counter



تجليات وأنوار
أنت أمام بحر زاخر وعميق ، وعلم لدنى وافر دقيق ، شطئانه مترامية الضفاف ، متباعدة الآماد والأطراف ...
وكما حاول غيرى حاولت ، وكما فشلوا فى السباحة فى لج هذا البحر الزاخر فقد فشلت !
لأن الاقتراب من شواطئه المفعمة بالإشارات والتلميحات ، والرموز والكلمات ... تنقلنا إلى عالم الروح وما أدراك .... فكيف أيها الرفاق بمن أراد الغوص فى عمق الأعماق
إنها أسرار خافية مخفية ، مفاتيحها عطية روحية ، يمنحها رب البرية ، للأرواح المتصلة بالملأ الأعلى كفتوحات ونفحات ربانية
فتغترف نفوس هؤلاء الأبرار ، مما أسبغ الله عليها من أسرار ، ومما شاءت لها القدرة الإلهية من أنوار ... تلك العوالم النورانية ... التى تغمر قلب المؤمن بتجليات روحانية ، تأتى كمكافأة ربانية ، من إله خبير ولطيف  رفع عن عبده غطاء المادة الكثيف ليرى بنور الله جلت قدرته ، وتعالت هباته وعظمته (لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
إن هذه الكلمات القرآنية هى ميراث النبوة الحقيقية ، فقد امتدت منذ نزول الوحى المبين على المبعوث رحمة للعالمين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليرثها صفوة من عباده المؤمنين الحافظين لحدود الله وأحكامه على نحو سليم ، والعاملين بسنة رسوله الكريم ... وعلى قدر طاقة الواحد منهم  وعلى قدر فهمهم وجهادهم لأنفسهم  يفتح الله عليهم ....
فهؤلاء الذين تكلموا فى المعارف الإلهية ، والأنوار الروحية كان انتسابهم والمرجعية سلسلة متصلة إلى خير البرية رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال أبو بكر الصديق ، وعلى بن أبى طالب ، وسلمان الفارسى .... ولما انقضى عهد الصحابة والتابعين ، أطلق الناس إسم الصوفية على من سار على نهج الصحابة المكرمين ... هذا النهج القائم على الزهد ، وكثرة الذكر ، والورع والصلاح.، والحمد والشكر .... ثم تواصلت مسيرة الداعين إلى الله جل فى علاه على تعاقب العصور. فظهر فى دنياه علماء أعلام فتح الله عليهم فكان لكل منهم شان ... فى علوم الشريعة والحقيقة على مر الزمان ... أمثال الحسن البصرى ، والقشيرى الإمام ... إلى آخره... تلك السلسلة من هؤلاء الأعلام الذين لايكف عن ذكر آثار علمهم الراوى ... كان فى خاتمتهم فضيلة الشيح محمد متولى الشعراوى الذى حمل مشعل الهداية فأنار الطريق وفسر الآية وكشف الالتباس فاسترشد بعلمه الناس ...
إن هؤلاء الأعلام العاملين العالمين ـ بقدرة الله رب العالمين ـ قد استناروا بشريعة الله وسنة رسولة الكريم... فهم من أهل الباطن وحملة الأنوار النبوية ، المتصدرين لتربية الأرواح والأنفس الذكية ، وكما قلنا فى غير موضع ومكان كانت لهم سلسلة تنتهى إلى خير الأنام رسول الله صلى الله عليه وسلم...  فهم أهل صدق وإخلاص وروية ، ومجاهدة وأهل ثبات وعزيمة قوية ...
وحقيقة الأحوال الروحية لهؤلاء ... تختلف عن أصحاب الادعاء ... فقد ظهرت على أيديهم كرامات وفتوحات تؤيد صدق منهجهم وحقيقة انتسابهم ... وهل هناك كرامة لولى من الأولياء أعظم من هداية الله تعالى للخلق على يديه البيضاء ، وتغيير قلوبهم إلى حب الله ورسوله وسنته الغراء ..... مذهبهم هو أهل السنة والجماعة وما كانوا يحيدون عن سنة رسول الله فى أية ساعة قيد أنملة .... وكل من هذه الشخصيات التقية ، قد تميز بمنهج تربوى روحى دعامته الأساسية هى تربية النفس وتقويتها ، وتنقيتها من أثقالها وأدناسها
أما فى هذا الزمن العجيب الذى رفعت فيه راية المادة بشكل مخيف ومريب ، وغاص العباد فى أوحال الفساد...  فغابت الروح وتنصلت من كل مريد .... لتتركهم مع أمواجهم المادية العاتية فى بحرهم اللجى الذى تعلوه الظلمات والأخطار ... عبدوا الطاغوت فغاب عنهم ضوء النهار ، واتبعوا أهواءهم فضلوا وأضلوا وحار الناس فى الأمصار : هل من سبيل إلى النجاة .... هل من سبيل لإخراج النفس من أوحالها،  واللحاق بعالم الإشراقات والتجليات ، والتمتع بالفتوحات الربانية والأنوار المحمدية ...؟
لاشك أن الطريق مفتوح ، وعلى قدر العزم تأتى العزائم . 
................................................................

ـ نُشر هذا المقال فى موقع دنيا الرأى رابط :



بديع الصنع

12:23 م Edit This

Website counter



بديع الصنع


إن التأمل فى خلق الله وفى بديع صنعته ، مدخل هام للإخلاص فى عبادته ، من لم يعيه ويشعر بمدى جماله وروعته ، فهذا دليل دامغ على غفلته  
أما مرهف الحس والشعور ، صاحب القلب الرقيق والفكر العميق ، المسترشد بالنور ، القارىء لما بين السطور ، الموقن بتوفيق الله الذى هداه ، وأخلصه وانتحاه ، وأرشده وتولاه ... فهو الذى يمعن النظر ، ويستخلص العبر ، يفكر بأناه ، ويرى ما لا يراه غيره من البشر
فما أجمل أن تستظل بشجرة ، تتأمل ملكوت الله ، فترى العبرة المعتبرة ، وسحر الطبيعة الفتان ، فى روعة الأشكال وتناسق الألوان ، يتناغم حفيفها مع زفزقة العصافير الآبية لعشها ، فيا لعظمة الخالق الحكيم القدير ، الذى هو أولى بالحمد ، والمدح والشكر والثناء الكثير
إن المتعة الحقيقية تكمن فى النظر بإمعان ، إلى سحر الألوان ، وهى تسكر العقل والفكر والوجدان
فاللون الأخضر يتدرج بحنان ، على الزروع والنباتات وأوراق الأغصان ،  فوق الشجر، فيمنحنا الإحساس بالطمأنينة والأمان ، ويزيل عنا الكدر  ... وها هو العشب الذى يكسو الأرض وكأنه السندس فى الجنان ، يريح النفس  ويمتع النظر ، تصافحه شمس الأصيل  فيرد السلام ، فى حياء وخدر ....
تأملات فى صنعة الخالق العظيم ، نقلتنى إلى روضة من نعيم ، تنفس خلالها القلب هواءاً عليلاً ، وعزفت نفسى على أوتار مشاعرى عزفاً جميلاً ....
تلك المشاعر المرهفة ، وخلجات النفس المتعطشة المتلهفة أصبح الكون معها معرضا بديعا لألوان من الآيات المعبرة الواصفة .... أتتبعها فى شغف وذهول ، بغية الوصول ؛ فالشمس فى موكب الغروب ، تكاد تذوب ، لترسم البهجة ، وتثير الرغبة ، فى العيون والقلوب .... تمضى تاركة وراءها وهج الحمرة الوردية ، والمباهج النرجسية ، كهدية منها للسماء،  فى رحلتها اللانهائية
وها هى الزهور بسحرها وجمالها ، تخطف بصرى وتخاطبنى بلغتها ، وبغزارة مفردات ألوانها .....
والنسائم العليلة ، تداعب الأوراق الجميلة ، فتميل مؤدية أجمل رقصاتها  
وهاهو البحر الآن ، يلوح لى بزرقته الحانية وسمائه الصافية وأنا تائهة فى جماله الفتان ، عازفة مع أمواجه أشجى الألحان ...
الطبيعة تتمايل بإعجاب ، يسحرها هواء الربيع الجميل وهواء البحر العليل .... إنهما الربيعان الأخضر الأرضى والأزرق المائى .... سكر واحد من الطرب ، والعزف والعجب ، فكأس الحب قد وجب
إنى أتأمل إعجاز الخالق فى بديع صنعته ، التى أودع فيها من أسرار الجمال وروعته ، ما يدخل السعادة على قلوب خلقه ، ويحرك مشاعرهم ،  وينمى بالجمال أحاسيسهم ، ويرقى بذوقهم وفكرهم ، ويزيد من إيمانهم بقدرته ، ويرشدهم ‘لى أبواب حمده وشكره ، وحسن عبادته
هذه الطبيعة كانت وما تزال ، مصدر إلهام لكل من يحسن تأمل مظاهر الجمال ، وإنى لأقف أمام لوحات هذا الكون عاجزة عن الوصف والبيان ، متأملة بأناه فى شغف وانبهار، مهلله الله الله أطلقها من غور قلبى ملبية بالأذكار ، ولا أملك إلا أن أردد قول الحق سبحانه فى محكم آياته  : (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك) 
...........................................

ـ نُشر هذا المقال فى موقع دنيا الرأى رابط :
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2011/10/14/239910.html